كتب: كمال ميرزا - المسار التصاعديّ لمنتخبنا الحبيب خلال السنوات الأخيرة، وصولاً إلى التأهّل إلى نهائيّات كأس العالم، والأداء المبهر طوال منافسات كأس العرب، والنهائيّ الرائع الذي منحه النشامى لجميع عشّاق الساحرة المستديرة من المحيط إلى الخليج.. هذا كلّه فتح قريحة الجميع لأن يدلو بدلوهم بما في ذلك ركّاب الموجة والمتسلّقين المُضمَرين والصريحين! غالبيّة المُحتفين بإنجاز المنتخب والمنظّرين له قد ركزوا على ثيمة "الوحدة الوطنيّة"، دون أن ينتبهوا إلى أنّ المنطق الضمنيّ لحديثهم الذي لا يخلو من "مزاودة" و"تسحيج" تشوبه من حيث يدرون ولا يدرون شائبتين دقيقتين وحسّاستين: الأولى هم يتحدثون عن "الوحدة الوطنيّة" وكأنّها "عِجْبة"، وكأنّها "هِجنة"، وكأنّها خروج على المألوف، وكأنّ الأصل وواقع الحال والمعتاد هو الانقسام والفرقة والتشرذم و"الوحدة الوطنيّة" هي استثناء. والثانية أنّ هؤلاء قد تغنّوا بالطريقّة التي وحّد بها المنتخب الأردنيّين، دون أن ينتبهوا للفرق الدقيق بين قولهم: إنّ المنتخب قد وحّد الناس، والقول بأنّ اصطفاف الناس وراء المنتخب هو تمثّلٌ آخر للوحدة الوطنيّة التي تربطهم وتجمعهم أساساً! الشعوب لا يوحّدها "الفطبول"، الشعوب يوحّدها الدم والعقيدة واللغة والعادات والتقاليد والتاريخ والمصير المشترك (والعدو المشترك إن وُجِد كما في حالة الكيان الصهيونيّ).. و"الفطبول" وسائر هذه المظاهر هي مجرد فرع من فرع من فرع! البعض، ويبدو أنّهم من المتأثرين بهراء ما تُسمّى التنمية البشرية، ركّزوا على ثيمة كيف أنّه بالإرادة والعزيمة والمثابرة يمكن تجاوز معضلة محدوديّة الفرص ونقص الموارد والإمكانات من أجل تحقيق أعظم الإنجازات، دون أن ينتبه هؤلاء بدورهم إلى أنّ كلامهم المنمّق على وجاهته الظاهريّة هو وجه آخر من أوجه أسلوب "لوم الضحية": ليست المشكلة فيمن سلبكَ الفرصة وحرمكَ المُقدّرات، أنت الملام لأنّك الذي لم تجتهد بما يكفي وتتحدّى الضرورة وتقهر الظروف! وفي مقابل هؤلاء وهؤلاء، قلّة فقط وضعت يدها على الدرس الحقيقيّ الذي يمكن أن نستشّفه من تجربة منتخبنا الوطنيّ الحبيب: وضْع الرجل المناسب في المكان المناسب، وإتاحة المجال أمامه لممارسة كامل صلاحياته و"ولايته العامّة" المُفتَرَضة دون تدخّلات وضغوطات، وتركه يختار ويقرّر على أساس الكفاءة والجدارة والاستحقاق فقط لا غير بعيداً عن الواسطات والمحسوبيّات والجهوّيات والمحاصصات والكوتات، وإعطائه فرصته كاملةً وبالصاع الوافي، ومحاسبته على الإنجاز والنتائج بعد أن يأخذ وقته ومداه.. هذا هو السبيل الوحيد للإصلاح والتطوير والتحديث، وفي زمن قياسيّ، وبغض النظر عن حجم الموارد المتاحة والإمكانات المُكرَّسة! تخيّلوا لو أنّ تجربة منتخبنا الوطنيّ قد تمّ استنساخها وتطبيقها على كامل ملّاك الدولة بسلطاتها ومؤسساتها وأجهزتها! ولكن للأسف، ما شعرنا ونشعر به كأردنيّين خلال العشرين سنة الماضيّة وكأنّه العكس تماماً: تقويض مُمنهج لملّاك الدولة وتجريفه تجريفاً من خلال وضع الشخص "غير المناسب" في المكان المناسب! والمشكلة أنّك أينما ذهبتَ، وحيثما وجدتَ أمامكَ شخصاً عديم الكفاءة مريض النفسيّة "كاوتشوكيّ" الذمّة يتصدّر المشهد ويتقلّد الموقع ويتحكّم بمصالح الناس، ويعوّض مركّبات نقصه وظمئه للسلطة بالكبرة والغطرسة، و"التفشش" في الآخرين، والاشتغال بمن حوله، و"تطفيش" كلّ صاحب فهم أو مروءة خشية أن يكون مصدر تهديد له ولموقعه ولطموحه المستقبليّ.. سيقولون لكَ إنّ هذا الشخص محسوبٌ على "سين" أو "صاد"، وسيذكرون اسم مركز من مراكز القوّة في البلد أو جماعة من جماعات المصالح الخاصّة.. أو سيقولون لكَ إنّه مدعوم من "الجهة الفلانيّة"، أو زوجته أو أحد أقاربه يعمل هناك، وسيذكرون اسم مؤسسة سياديّة قريبة من رأس الهرم لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها أو انتقادها.. أو سيقولون لكَ إنّه مرتبط بـ "الجهة العلتانيّة"، وسيذكرون اسم جهاز أمنيّ لا تجرؤ كمواطن على مجرد التفكير به دون أن تتلفّتَ متوجّساً ذات اليمن وذات الشمال! وسواء أصحّت مثل هذه المزاعم أم لا، فإنّ "سين" و"صاد" و"الجهة الفلانيّة" و"الجهة العلتانية" يتحمّلون القسْط الأكبر من المسؤوليّة! فإذا كانوا حقاً يتدخلون في كلّ صغيرة وكبيرة كما هو مستقرٌّ في قناعة ووجدان الناس، ويوزّعون الوظائف والمناصب والفرص وكأنّها عطايا أو هبات أو مكافآت، ويقرّرون مَن سيُمنَح ومَن سيُحرَم، ومَن ستحلّ عليه البركة ومَن ستحلّ عليه اللعنة.. فإنّهم بذلك يكرّسون الظلم والسخط، ويقوّضون الدولة والمجتمع ويفتّون من عضدهما على المدى البعيد بخلاف دورهم المُفتَرَض! أمّا إذا كانوا لا يفعلون ذلك، فواجبهم أن يُظهروا ذلك بشكل واضح وصريح وجَلِيّ ومُمَأسَس بما لا يُفسح مجالاً للشكّ والريبة، لا نفياً لتهمة، ولكن لإغلاق الباب أمام كلّ رعديد ينتحل أسماءهم ويختبئ وراءها و"يهتُّ" بسيفها كي ينال ما ليس حقّه ويسطو على حقوق الآخرين! الأردن وطن ثروته الحقيقية هي "النشامى" الذين تزخر بهم البلد في كلّ المجالات بما يتجاوز كثيراً كرة القدم.. ولكن ماذا سيصنع النشميّ إذا تُرِكَ لـ "الخايسين" كي "يتمقطعوا" به أو ليضعوه أمام الخيار الصعب: إمّا أن يهبط لمستواهم أو أن يعتزل؟! .
مشاهدة درس النشامى المسكوت عنه عاجل
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ درس النشامى المسكوت عنه عاجل قد تم نشرة ومتواجد على قد تم نشرة اليوم ( ) ومتواجد علىجو 24 ( الأردن ) وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.