"اليوم" تكشف في تحقيق استقصائي: مستقبل الغطاء النباتي بالسعودية بين التدهور والإنقاذ ...السعودية

اخبار عربية بواسطة : (صحيفة اليوم السعودية) -

الجنوب الغربي تحت المجهر: غابات العرعر والزيتون البري في سباق مع الزمن26 موقعاً تجريبياً لاختبار استدامة المراعي والغاباتجهود سعودية لإنقاذ 146 مليون هكتار من المراعي

على امتداد الجغرافيا السعودية، حيث الصحارى والسهول والجبال، تختبئ خلفها واحدة من أكبر الثروات الطبيعية في المملكة وهي المراعي والغابات التي تعد ثروة شكّلت عبر مئات السنين عماد الحياة الريفية، ومصدراً للغذاء، وركيزة للتوازن البيئي فيها.وشهدت خلال السنوات الماضية تراجعاً مقلقاً في قدرتها على الاستمرار، فالمراعي السعودية، التي تمتد على مساحة تقدر بنحو 146 مليون هكتار، أي أكثر من 70% من مساحة البلاد، لم تعد اليوم قادرة على تلبية سوى 20% من احتياجات علف الماشية، في وقت تجاوزت فيه أعداد الثروة الحيوانية القدرة الاستيعابية الطبيعية للأرض بأكثر من ثلاثة أضعاف، وذلك بحسب التقارير الحديثة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» ، إذ أوضحت أن هذا الاختلال الحاد لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة تراكمات طويلة من الرعي الجائر، والتوسع الحضري، إضافة إلى التأثيرات المتسارعة لتغيّر المناخ .وإذا كانت المراعي تمثل الامتداد الأكبر، فإن الغابات السعودية، رغم محدودية مساحتها البالغة نحو 2.7 مليون هكتار، تؤدي أدواراً بيئية لا تقل أهمية.

وتشمل هذه الغابات نحو 158 ألف هكتار من غابات المانغروف الساحلية، التي تشكل خط الدفاع الأول في مواجهة تغيّر المناخ، وحماية السواحل من التآكل، وامتصاص الكربون.تتركز الغابات الطبيعية في المناطق الجنوبية الغربية، على ارتفاعات تتراوح بين 1000 و3000 متر فوق سطح البحر، حيث تنتشر غابات العرعر والزيتون البري والغابات متساقطة الأوراق.لكن هذه النظم البيئية تواجه بدورها أيضاً تهديدات متزايدة، ناجمة عن الأنشطة البشرية غير المنظمة، والتوسع العمراني، والتغيرات المناخية، ما يجعل مستقبلها على المحك.

مراجعة لقطاعي المراعي والغابات

"اليوم" بدورها تقدم من خلال هذا التحقيق الاستقصائي هذا الواقع وأسبابه ودور المملكة الكبير في ذلك، إذ لم تقف عند رصد المشكلة بل انتقلت إلى مرحلة الفعل المنظم، بعد أن قادت الشراكة بين وزارة البيئة والمياه والزراعة، والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، ومنظمة الفاو، إلى مراجعة شاملة لقطاعي المراعي والغابات، أسفرت عن وضع خطط تدخل تستند إلى البيانات العلمية والتجارب الدولية، لتصبح ما تقوده المملكة اليوم من تدخلات، يعكس معركة بيئية حقيقية بين مسارين: مسار الاستنزاف الذي يهدد بفقدان التوازن، ومسار الاستدامة الذي تسعى السعودية إلى ترسيخه عبر التخطيط العلمي والشراكات المحلية والدولية.وفي هذا السياق، لا تبدو استعادة المراعي والغابات مجرد مشروع بيئي، بل خياراً استراتيجياً يمس الأمن الغذائي، والاقتصاد الريفي، ومستقبل التنمية المستدامة. وأشارت "الفاو" إلى أن مراعي المملكة التي تغطي قرابة ثلثين من مساحتها لم تكن مجرد أراضٍ مفتوحة للرعي، بل نظاماً بيئياً متكاملاً تحكمه عبر التاريخ منظومة رعوية تقليدية دقيقة، تنظم تحركات البدو، وتحدد مواسم الرعي، وتحافظ على الغطاء النباتي من الاستنزاف، لكن هذا التوازن الدقيق بدأ ينهار مع تسارع التحولات الاقتصادية والاجتماعية، فمع تراجع الأنماط التقليدية للإدارة، وازدياد أعداد الماشية، وتغير أنماط الاستهلاك، أصبحت المراعي تواجه ضغطاً يفوق قدرتها الطبيعية على التعافي.وانعكس هذا الخلل مباشرة على الغطاء النباتي، الذي شهد تدهوراً واسعاً، وانخفاضاً في التنوع النباتي، وتراجعاً في خصوبة التربة، ما ينذر بسلسلة من الآثار البيئية المتراكمة.

ورغم اختلاف البيئات، تواجه المراعي والغابات تهديدات متشابهة: الرعي الجائر، التوسع الحضري، الأنشطة البشرية غير المنظمة، التصحر، وتغيّر المناخ.هذه العوامل مجتمعة أسهمت في تآكل الأنظمة البيئية، وقلّصت قدرتها على الصمود، وأمام هذا الواقع، أسفرت المراجعة الشاملة لقطاعي المراعي والغابات عن خطة عمل وطنية لإدارة المراعي، تستهدف 26 موقعاً تجريبياً بمساحة تصل إلى 8 ملايين هكتار، بهدف استعادة صحة المراعي وتعزيز إنتاجيتها.وتشمل الخطة تطبيق ممارسات الرعي المستدام، وإعداد خرائط دقيقة للموارد الرعوية، وصياغة اتفاقيات مجتمعية لتنظيم الرعي، إلى جانب تنفيذ تدابير متقدمة مثل إعادة بذر النباتات المحلية، وزراعة الأشجار والشجيرات الأصيلة، وإنشاء تقنيات حصاد المياه.

الغابات.. رهان الاستدامة

في ملف الغابات، يأتي مشروع الزراعة الريفية المستدامة كأحد أبرز التدخلات، بالشراكة بين وزارة البيئة والمياه والزراعة و"الفاو".ويهدف المشروع إلى استعادة الغابات، وتطوير إدارة مجتمعية مستدامة، ورسم خرائط تفصيلية للموارد الغابية، وإطلاق منصة رقمية تفاعلية لتبادل المعرفة ورفع الوعي، ورغم أهمية الخطط والتقنيات.وتؤكد "الفاو" أن نجاح أي تدخل مرهون بإشراك المجتمعات المحلية والجمعيات الرعوية، وبناء قدراتها، وإعادة إحياء مفهوم المسؤولية المشتركة تجاه الموارد الطبيعية، فالمراعي والغابات لا يمكن حمايتها بقرارات مركزية فقط، بل عبر شراكة حقيقية مع من يعيشون في قلب هذه البيئات.

وبعد هذا التحقيق وقفت "اليوم" مع مدير الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بالمملكة العربية السعودية د. سامي محمد البريه، للحديث عن نتائج التعاون القائم بين "الفاو" ووزارة البيئة والمياه والزراعة في المملكة، إذ أكد أن المنظمة تعمل بالشراكة مع وزارة البيئة على تنفيذ برنامج التنمية الريفية المستدامة، موضحًا أن الجهود تتركز في أربعة قطاعات رئيسية هي: الغابات، المراعي، المحميات الوطنية، ومكافحة زحف الرمال. وأضاف أن البرنامج أسفر عن إعداد خمس أطالس بيئية تغطي مناطق مختلفة في المملكة، من بينها مكة المكرمة، المدينة المنورة، ونجران، وقد تم في مكة المكرمة على سبيل المثال حصر نحو 142 غابة طبيعية.كما أنجزت الفاو بالتعاون مع الوزارة أربع دراسات متخصصة تناولت القطاعات الأربعة المستهدفة، إضافة إلى دراسة حول إدارة التنوع النباتي.

حماية الموارد الطبيعية

وأشار د. البريه إلى أن هذا العمل يُنفذ ضمن إطار التعاون المشترك بين منظمة الفاو و المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي، ممثلًا في الإدارة العامة للغابات، مشددًا على أن توثيق الغابات وحصرها يعد خطوة أساسية نحو تنمية بيئية مستدامة وحماية الموارد الطبيعية. وأوضح أن الغابات في الخمس مناطق تخضع إما لعمليات الحصر أو التصنيف، حيث يتم تسجيل كل ما تحتويه الغابة من عناصر نباتية، بدءًا من الأنواع المهددة بالانقراض، مرورًا بالنباتات الغازية والدخيلة، وصولًا إلى النباتات السائدة والمصاحبة، وذلك لضمان بناء قاعدة بيانات دقيقة وشاملة. وبيّن أن هذا الجهد لا يقتصر على توثيق الأنواع فحسب، بل يشمل أيضًا رصد التحديات والتهديدات البيئية التي تواجه الغابات والنباتات داخلها، الأمر الذي يُعد خطوة جوهرية نحو وضع خطط مستدامة للحفاظ على التنوع النباتي. وأضاف البريه أن منظمة الفاو كانت قد نفذت هذه المرحلة في ٥ مناطق، قبل أن يتم إسناد المهمة للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، حيث جرى تدريب كوادر المركز بشكل كامل على منهجيات الحصر والتصنيف، واليوم يتولى المركز قيادة العمل في مناطق أخرى، وفق الآليات والمعايير ذاتها التي وضعتها الفاو، مما يعزز استدامة الجهود وانتشارها على مستوى المملكة.

بدوره، كشف مدير عام الإدارة العامة للمراعي الطبيعية في المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، الدكتور مشعل الحربي لـ "اليوم": أن المركز يعمل على تأهيل وتنمية الفياض، حيث غطت المبادرات أكثر من 1300 فيضة موزعة على عدد من مناطق المملكة، إلى جانب تنفيذ مشروعات نوعية عبر محطات لإنتاج البذور الرعوية.وأشار إلى أن الجهود الميدانية مستمرة حاليًا، إذ يباشر الفرق المتخصصة أعمال نثر البذور لإعادة تأهيل نحو 30 ألف هكتار، بما يسهم في تعزيز استدامة المراعي الطبيعية والمحافظة على التنوع الأحيائي.وأوضح الحربي أن المملكة شرعت في المرحلة الأولى من تنظيم الرعي على مساحة 8 ملايين هكتار، يتم فيها تطبيق أعلى المعايير العلمية من خلال الدراسات الحقلية لتقدير الحمولات الرعوية، إضافة إلى المراقبة والمتابعة المستمرة.

المراعي السعودية في أرقام

مساحة المراعي السعودية: 146 مليون هكتار (تشكل أكثر من 70% من مساحة المملكة).قدرة المراعي على تلبية احتياجات العلف: 20% فقط من احتياجات علف الماشية.تجاوز أعداد الثروة الحيوانية: أكثر من 3 أضعاف القدرة الاستيعابية الطبيعية للأرض.مساحة الغابات السعودية: 2.7 مليون هكتار.مساحة غابات المانغروف: 158 ألف هكتار (تشكل خط دفاع ضد تغير المناخ).ارتفاع الغابات الطبيعية: بين 1000 و3000 متر فوق سطح البحر (في المناطق الجنوبية الغربية).خطة عمل وطنية للمراعي: 26 موقعاً تجريبياً بمساحة 8 ملايين هكتار.عدد الأطالس البيئية المعدة: 5 أطالس تغطي مناطق مثل مكة المكرمة، المدينة المنورة، ونجران.عدد الغابات الطبيعية في مكة المكرمة: 142 غابة.عدد الدراسات المتخصصة: 4 دراسات لقطاعات الغابات، المراعي، المحميات، ومكافحة زحف الرمال، بالإضافة إلى دراسة واحدة عن إدارة التنوع النباتي.عدد المناطق التي نفذت فيها المرحلة الأولى: 5 مناطق (قبل إسناد المهمة للمركز الوطني).

مشاهدة اليوم تكشف nbsp في تحقيق استقصائي مستقبل الغطاء النباتي بالسعودية بين

يذكر بـأن الموضوع التابع لـ اليوم تكشف في تحقيق استقصائي مستقبل الغطاء النباتي بالسعودية بين التدهور والإنقاذ قد تم نشرة ومتواجد على قد تم نشرة اليوم ( ) ومتواجد على صحيفة اليوم السعودية ( السعودية ) وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::

وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، "اليوم" تكشف في تحقيق استقصائي: مستقبل الغطاء النباتي بالسعودية بين التدهور والإنقاذ.

آخر تحديث :

في الموقع ايضا :

الاكثر مشاهدة اخبار عربية
جديد الاخبار