لكن الرجل الحقوقي، الذي يفترض فيه ضبط حركات وسكنات أفكاره، والتحكم ما استطاع إلى ذلك سبيلا في لسانه، حرصا على عدم الوقوع في أية زلة لسانية “حقوقية” أو “أخلاقية”، أبى إلا أن يترك “العطش” على أهميته وراهنيته، ليوجه رماح نقده، نحو نساء ورجال التعليم، وخاصة منهم الأساتذة المرتقب مشاركتهم في استحقاق الإحصاء العام للسكان والسكنى، واصفا هؤلاء ب”العطاشة”، في توصيف رأى فيه الكثير إساءة وإهانة واستهزاء وتطاول غير مقبول على أسرة التعليم برمتها؛
بمنطق ذات الرجل، إذا كانت مشاركة الأساتذة في عملية الإحصاء ستؤثر على زمن التعلم، فماذا يمكن القول بالنسبة لباقي المشاركين في هذا الاستحقاق الوطني وخاصة فئات واسعة من موظفي الإدارات العمومية والجماعات الترابية؟ ألا تؤثر مشاركتهم لمدة شهر كامل، في سيرورة العمل في المصالح التي يشتغلون فيها؟ وفي المساس بحقوق المرتفقين؟ وبذات المنطق، نتساءل: ما الفرق بين هدر” زمن التعلم” وهدر “حق المواطن المرتفق” في قضاء مصالحه وحوائجه الإداريـة؟ وأيهما أجدر بالخرجة الإعلامية والترافع بحرقة، هل “هدر زمن التعلم” في استحقاق وطني ينظم كل عشر سنوات، يقتضي التعبئة المجتمعية الشاملة، لمقاصده الإصلاحية والتنموية؟ أم “هدر زمن الإصلاح” و”هدر المال العام” و”الهدر المدرسي والجامعي” و”الريع السياسي والحقوقي والنقابي”…؟
وعليه، وحتى لا نتيـه بين شعاب هذا النقاش “العطشي” عديم الجدوى والفائدة، من الضروري إبداء الملاحظات التالية:
2. الملك محمد السادس، أشار في ذات الرسالة، إلى أن هذا الاستحقاق الوطني “يتطلب، إلى جانب التعبئة الشاملة لموارد بشرية ولوجستية مهمة، انخراطا وتنسيقا وثيقا وفعالا من لدن جميع الإدارات والمؤسسات العمومية والمصالح اللاممركزة، بالإضافة إلى السلطات والجماعات الترابية والجهوية والإقليمية والمحلية”، وعليه، فانخراط نساء ورجال التعليم في هذا الاستحقاق الوطني كغيرهم من الموظفين والأعوان والطلبة والمعطلين، ما هو إلا استجابة إلى ما تتطلع إليه الدولة من تعبئة شاملة، في سبيل إنجاح هذا الاستحقاق؛
4. من زاوية حقوقية، فأي اتجاه يروم حرمان الأساتذة – مهما كان المبرر – من حقهم في المشاركة في هذا الاستحقاق الوطني، هو مساس بالحق في خدمة قضايا الوطن، وضرب لمبدأ تكافؤ الفرص، وتبخيس من قيمة الأساتذة وأدوارهم التربوية والمجتمعية، ومكانتهم الاعتبارية، التي تجعلهم دوما في طليعة القضايا المجتمعية؛
6. تزامن الإحصاء مع الدخول المدرسي وما يرتبط به من عمليات، يبقى تأثيره محدودا، بالنظر إلى عدد الأساتذة المشاركين مقارنة مع مجموع الشغيلة التعليمية، واعتبارا للارتباك الذي عادة ما يطبع كل دخول مدرسي، بسبب التسجيل وإعادة التسجيل ومغادرة التلاميذ نحو مؤسسات أخرى، ومشكل إعادة التوجيه، وعدم استقرار جداول الحصص واستعمالات الزمن، ومعالجة طلبات الاستعطاف، والعمليات المرتبطة بسد الخصاص وغيرها، مما يعرقل بعض العمليات المرتبطة بالدخول المدرسي، ومنها “تمرير روائز التقويم التشخيصي” وما يرتبط به من دعم ومعالجة، في ظل الارتباك الذي يعتري عملية الالتحاق الكامل للمتعلمين بالفصول الدراسية؛
8. أي رأي يتجه نحو الربط بين “الإحصاء” و”هدر زمن التعلم”، يتسم حسب تقديرنا بقصور في الرؤية، من منطلق أن “زمن التعلم” لا يرتبط فقط، باستيفاء المتعلمين لجميع وحدات البرامج الدراسية، بل وبمؤثرات أخرى، منها مدى نجاعة المناهج الدراسية وما يرتبط بها من اختيارات وتوجهات، ومدى فعالية البرامج الدراسية وما تقدمه من عروض تربوية، ومدى جاذبية البيئة المدرسية بكل درجاتها والفاعلين فيها، ومدى قدرة المدرسة لتكون رافعة للارتقـاء الاجتماعي والاقتصادي، ومدى تحمل الأسر لمسؤولياتها التربوية في مواكبة وتتبع المسار الدراسي لأبنائها، ومدى جاهزية واستعداد ومواظبة المتعلمين، ومدى التلاحم والانسجام بين الأطر الإدارية والتربوية وجمعيات آباء وأمهات التلاميذ، في الارتقاء بالحياة المدرسية وخدمة المصلحة الفضلى للمتعلمين، وفي هذا الإطار، فالعبرة ليست في “كم درس المتعلمون من حصص دراسية”؟ أو “هل قاموا باستيفاء جميع الوحدات الدراسية المقـررة لهم”؟ بل في “ماذا درس هؤلاء”؟ و”في أي فصل دراسي”؟ و”في أية بيئة مدرسية”؟
9. واقع الممارسة ...
مشاهدة جــدل العطاشة
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ جــدل العطاشة قد تم نشرة ومتواجد على قد تم نشرة اليوم ( ) ومتواجد على هسبريس ( المغرب ) وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
التفاصيل من المصدر - اضغط هنا :::
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، جــدل "العطاشة".
في الموقع ايضا :