من حق تقرير المصير إلى شرعية المقاومة المسلحة: دراسة سياسية وقانونية (1/2) ..اخبار محلية

جو 24 - اخبار محلية
من حق تقرير المصير إلى شرعية المقاومة المسلحة: دراسة سياسية وقانونية (1/2)
 الكاتب فايز محمد أبو شمالة -  لم يكن حق تقرير المصير شعارًا نظريًا في القانون الدولي، بل تحوّل إلى قاعدة آمرة في حياة الشعوب المستعمَرة، وأضحى مرتبطًا بحقها في المقاومة بمختلف أشكالها، في هذا المقال أستعرض الأساس القانوني والتاريخي لهذا الحق، وكيف شكّل سندًا لشرعية الكفاح الفلسطيني وسائر حركات التحرر.  منذ أن بزغ فجر النظام الدولي الحديث عقب الحرب العالمية الثانية، احتل حق تقرير المصير مكانة محورية بين المبادئ المؤسسة للعلاقات بين الشعوب، فهذا الحق ليس ترفًا سياسيًا أو خيارًا ثانويًا، بل هو حجر الزاوية الذي يقوم عليه مبدأ العدالة بين الأمم، وقد نصّت عليه الشرائع الدولية باعتباره حقًا ثابتًا للشعوب، لا يقبل المساومة ولا يُلغى بالتقادم، ويعني أن للشعوب أن تختار بحرية نظامها السياسي، وأن تدير مواردها، وأن ترسم مستقبلها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بعيدًا عن أي سيطرة أو قسر خارجي، لكنه لا يظل نصًا جامدًا في الوثائق الدولية، بل يتحول في الواقع إلى كفاح مشروع حين تُحرم الشعوب من ممارسته، هنا يتجسد حق تقرير المصير في صورة مقاومة الاستعمار والاحتلال.  الشعب الفلسطيني هو المثال الأوضح على ذلك، فمنذ بداية المشروع الاستعماري الاستيطاني الإحلالي في فلسطين، وهو يخوض معركة متواصلة من أجل تقرير مصيره. لكن هذا النضال، الذي يستند إلى الشرائع الدولية، واجه حملات تشويه هائلة، إذ جرى تصوير المقاومة على أنها "إرهاب”، بينما هي في جوهرها ممارسة أصيلة لحق معترف به عالميًا.  ومنذ ثورة 1936 في فلسطين، سعت القوى الاستعمارية إلى وصم أي فعل مقاوم بصفة "العنف غير المشروع”، ومع تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وصعود الكفاح المسلح، تضاعفت محاولات العدو لتجريم المقاومة أمام الرأي العام الدولي، وقد وظّف الاحتلال آلياته الإعلامية والسياسية لتثبيت معادلة زائفة: "المقاومة تساوي الإرهاب”.  وقد تصاعد هذا النهج بصورة أوضح بعد بروز حركات المقاومة الإسلامية كحماس والجهاد الإسلامي، إذ واصل الاحتلال وحلفاؤه الغربيون وصمها بالإرهاب، وخلال الحرب الأخيرة، ولا سيما بعد السابع من أكتوبر، سعى العدو في خطاباته الرسمية إلى تصوير حماس كما لو كانت نسخة أخرى من تنظيم "داعش”، في محاولة لتجريد المقاومة من شرعيتها، وهكذا يتضح أن معادلة "المقاومة تساوي الإرهاب” التي بدأ استخدامها منذ ثورة 1936 لا تزال حاضرة حتى يومنا هذا، وإن تبدّلت الشعارات والذرائع. لكن الوقائع تثبت أن هذه المعادلة ليست سوى محاولة لحرمان الفلسطينيين من ممارسة حق تقرير المصير.  فمنذ البداية، لم يكن الفلسطينيون وحدهم؛ شعوب الجزائر وفيتنام وجنوب أفريقيا واجهت التشويه نفسه، ثم اعترفت الأمم المتحدة بمشروعية كفاحها. لقد جاء ميثاق الأمم المتحدة عام 1945 ليضع مبدأ تقرير المصير في صميم النظام الدولي الجديد، إذ نصّت المادة الأولى على "إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالمساواة في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها”، كما أكدت المادة 55 التزام المنظمة الدولية بدعم هذا الحق، وجاءت المادة 51 لتقرّ صراحة: "ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم”، وهذا النص لا يقتصر على الدول القائمة، بل يشمل الشعوب التي تواجه عدوانًا مستمرًا كالاحتلال، وهو ما يضفي الشرعية على كافة أشكال المقاومة باعتبارها ممارسة لحق الدفاع الشرعي عن النفس.  وفي عام 1966 جاء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومعه العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ليعززا هذا المبدأ، مؤكدَين أن "لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها، وبفضل هذا الحق لها أن تقرر بحرية مركزها السياسي وأن تسعى بحرية إلى نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”، وقد وسّع هذا النص معنى تقرير المصير ليشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أي السيادة الكاملة على الموارد والخيارات الوطنية، كما ألزم الدول الأطراف باحترام هذا الحق ومساندته، ما يعني أن الدفاع عن الحقوق الفلسطينية ليس واجب الفلسطينيين وحدهم، بل هو مسؤولية دولية أيضًا.  ولم يقتصر الأمر على المبادئ العامة، بل جاءت اتفاقيات جنيف لتمنح الكفاح التحرري مكانته القانونية، فقد نص البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 على أن "النزاعات التي تخوضها الشعوب ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي نزاعات دولية”، مانحًا حركات التحرر مكانة أطراف في نزاع دولي، وبذلك يكتسب المقاومون صفة المقاتلين النظاميين ويُعاملون كأسرى حرب إذا أُسروا.  وأكد الفقهاء القانونيون أن هذا النص يمثل نقلة نوعية في القانون الدولي، لأنه يضع حركات التحرر في موقع الشرعية، ويردّ أي محاولات لتجريمها تحت ذريعة "الإرهاب”. وقد كرّست الأمم المتحدة هذا الاتجاه عبر سلسلة من القرارات التاريخية، ومن أهمها: القرار 1514 (1960) – إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة نص القرار على أن "إخضاع الشعوب لاستعباد الأجنبي ولسيطرة الاستعمار يُشكّل إنكارًا لحقوق الإنسان الأساسية، ويناقض ميثاق الأمم المتحدة، ويعرقل قضية السلام والتعاون العالميين” وأكد أن لجميع الشعوب الحق غير القابل للتصرف في تقرير مصيرها، وأنه بمقتضى هذا الحق لها أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعى إلى إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، كما أوضح أن عدم كفاية الاستعداد في المجالات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو التعليمية لا يجوز أن يُتخذ ذريعة لتأخير الاستقلال، وأدان أي محاولات لتفتيت الوحدة الوطنية أو سلامة الأراضي، وقد اعتُبر هذا القرار وثيقة ميلاد لعصر تصفية الاستعمار ورسّخ قاعدة آمرة في القانون الدولي.  القرار 2625 (1970) – إعلان مبادئ القانون الدولي أكد القرار على أنه "لا يجوز إخضاع الشعوب لاستعباد أجنبي أو سيطرة استعمارية أو استيطان أجنبي.”  وأضاف أن لهذه الشعوب الحق في الكفاح من أجل التحرر بكل الوسائل المتاحة والمتوافقة مع ميثاق الأمم المتحدة، وأن على جميع الدول أن تمتنع عن استخدام أي وسائل قسرية تحرم الشعوب من هذا الحق.  وشدد على أن مبدأ تقرير المصير ملزم للجميع، وأن انتهاكه يُعد تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، وقد أعطى هذا القرار شرعية مباشرة للنضال التحرري، وربط بين تقرير المصير ومقاومة الاحتلال بوصفها وسائل مشروعة.  القرار 2649 (1970) – تأكيد شرعية الكفاح أعاد القرار التأكيد بوضوح على "شرعية نضال الشعوب من أجل التحرر من السيطرة الاستعمارية والهيمنة الأجنبية بكافة الوسائل المتاحة” كما أدان الدول التي تحرم الشعوب من حقها في تقرير المصير، خاصة الشعوب الواقعة تحت أنظمة استعمارية أو عنصرية، وطالب القرار الدول الأعضاء بالامتناع عن تقديم أي دعم سياسي أو عسكري أو اقتصادي للأنظمة التي تنكر هذا الحق، ودعاها بدلًا من ذلك إلى تقديم المساعدة للشعوب المناضلة.  بذلك منح القرار غطاءً قانونيًا متجددًا للمقاومة الوطنية، وألزم المجتمع الدولي بموقف عملي تجاه قضايا التحرر. القرار 37/43 (1982) – شرعية الكفاح بكل الوسائل جاء هذا القرار ليؤكد مجددًا  "شرعية كفاح الشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية والاحتلال الأجنبي في ممارسة حقها في تقرير المصير والحرية والاستقلال بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك الكفاح المسلح” ودعا القرار جميع الدول إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي لهذه النضالات التحررية، واعتبر أن أية محاولة لحرمان الشعوب من ممارسة هذا الحق تمثل انتهاكًا خطيرًا لميثاق الأمم المتحدة، وقد شكّل القرار اعترافًا أمميًا صريحًا بالكفاح المسلح كوسيلة مشروعة، وفرض على المجتمع الدولي مسؤولية دعمه.  وهكذا يتضح أن المواثيق الدولية، منذ ميثاق الأمم المتحدة والعهدين الدوليين واتفاقيات جنيف، وصولًا إلى القرارات التاريخية للجمعية العامة، قد أرست حق تقرير المصير قاعدةً آمرة في القانون الدولي وشرّعت نضال الشعوب ضد الاستعمار والاحتلال.  غير أن هذا السند القانوني لم يبقَ نصوصًا عامة، بل امتدّ إلى اجتهادات محكمة العدل الدولية وآرائها الاستشارية، التي أكدت بوضوح أن انتهاك حق تقرير المصير يفتح الباب أمام شرعية المقاومة، وهذا ما سيكون محور الجزء الثاني من هذا المقال..

مشاهدة من حق تقرير المصير إلى شرعية المقاومة المسلحة دراسة سياسية وقانونية 1 2

يذكر بـأن الموضوع التابع لـ من حق تقرير المصير إلى شرعية المقاومة المسلحة دراسة سياسية وقانونية 1 2 قد تم نشرة اليوم ( ) ومتواجد على جو 24 ( الأردن ) وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

التفاصيل من المصدر - اضغط هنا

وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، من حق تقرير المصير إلى شرعية المقاومة المسلحة: دراسة سياسية وقانونية (1/2).

Apple Storegoogle play

آخر تحديث :

في الموقع ايضا :

الاكثر مشاهدة في اخبار محلية


اخر الاخبار