قبل البحث عن حفرة لجثة الإعلام الرسمي!!! ..اخبار محلية

جو 24 - اخبار محلية
قبل البحث عن حفرة لجثة الإعلام الرسمي!!!
  كتب: جانتي نورالدين أبزاخ في المرحلة الابتدائية، قبل أكثر من أربعين عامًا، كان جيلنا يحفظ عن ظهر قلب أمثلة مادة الحساب والجبر التي لا تخرج عن إطارمعمل شركة الالبان الاردنية ، ولكن ما علاقة الألبان بالأنباء والاعلام ؟ أحيانًا، يكمن قدر من الذكاء في القدرة على إيجاد رابط بين أشياء تبدو بلا صلة ظاهرة ولكنها جزء من الواقع نفسه. لنفترض أن معمل الألبان القديم ما زال يعمل حتى اليوم؛ شعاره تغيّر، وعبواته تطورت، وأدواته وخطوط إنتاجه أصبحت أكثر حداثة، بينما بقي المنتج نفسه على حاله. هذا تقريبًا حال الإعلام؛ أدواته ونوافذه تطورت، ووسائله الحديثة متعددة، لكننا ما زلنا نصرّ على استخدام مفرداته ومصطلحاته القديمة، ونبني جمله كما صاغها الآباء المؤسسون. نحاول، بكل وسيلة حديثة، أن نروّج لنفس "السلعة” القديمة، وكأننا نطبع على ورق رقمي، ونغلفه بعبوات تكنولوجية، لكن جوهره لم يتغير. غير أن الإعلام، بالتأكيد، ليس ألبانًا، ولا يمكن أن يكتفي بالشكل الجديد دون تجديد المضمون . وقبل الحديث عن الاستراتيجيات والخطط، يفترض بنا كإعلاميين أن نراجع القاموس الإعلامي الذي نخاطب به المجتمع، وأن نعيد النظر في تلك "الأنتيكات” اللغوية التي ما زالت تتصدر خطابنا العام. تعلمت الإعلام في وكالة الأنباء الأردنية قبل أكثر من ربع قرن، ولم ألمس تطورًا حقيقيًا في مفردات الإعلام الرسمي، التي تحوّلت مع الوقت إلى كليشيهات محفوظة وقوالب جاهزة، تُستعمل وفق المناسبة والحدث. في المناسبات الوطنية، على سبيل المثال، هناك نصوص شبه جاهزة. أذكر أنني، حين كنت صحفيًا ميدانيا في الوكالة، كنت قادرًا على كتابة خبر طويل عن الاستقلال بسليقة شبه آلية؛ أفرد المفردات والمصطلحات والشعارات أمامي، ثم أركّبها كما تُركّب قطع الـ«ليغو»، مسبوقة بأفعال استهلال مألوفة، ومزخرفة بعبارات وطنية رنّانة، مع تشدد صارم في الالتزام بالمفردات الراسخة وعدم الاقتراب منها أو خدشها. وينطبق هذا أيضًا على الأحداث السياسية والاجتماعية والصحية، بما في ذلك البيانات الرسمية والمتابعات؛ فلكل مناسبة قاموسها الجاهز، حاضر دائمًا، وغائب عن أي محاولة للتجديد. هذا الواقع صار واضحًا لكل صحفي وإعلامي، سواء في الميدان أو على كراسي التحرير، كأننا نحاكي الأحداث بإيقاع مسبق، مستخدمين مفردات جامدة تفتقد الحيوية والتجدد. الإعلام الرسمي جزء من منظومة السلطة، لكنه في الوقت ذاته حلقة الوصل بينها وبين المجتمع. ومن هذا الموقع، يفترض أن يخاطب الناس بلغة تليق بهم، وتحترم وعيهم وذكاءهم، لا أن تحدّثهم بنبرة وصائية أو بقاموس لغوي مستهلك فقد صلته بالزمن وبهم . اليوم، متصفّح منصات التواصل الاجتماعي، الغارق في سيل محتوى يتدفّق كل دقيقة، يبحث عمّا يعزز قناعاته. الخوارزميات مصمّمة لتقوده إلى ما يشبهه ويفكّر مثله، وإذا أراد الإعلام الرسمي الوصول إليه، فعليه أن يعبر هذه الخوارزميات بلغة جديدة، ومفردات متجددة، وخطاب أكثر إنسانية وصدقًا. منذ أكثر من نصف قرن، لم يطرأ تغيير يُذكر على مفردات الإعلام الرسمي ولا على مداميكه الأساسية؛ لا في بنية الجملة الصحفية، ولا في القوالب التحريرية التي ما تزال أسيرة الهرم المقلوب، وكأن الزمن توقّف عند لحظة بعينها. تغيّرت المنصات، وتبدّل الجمهور، وتسارعت الإيقاعات، فيما بقيت اللغة جامدة، مكرّرة، ومحصّنة ضد التغيير. قبل أشهر، دُعيت، بحكم وظيفتي، لحضور اجتماع لمجلس إدارة الوكالة لمناقشة الخطة الاستراتيجية. وخلال الاجتماع، طرح رئيس المجلس، الصحفي نبيل الغيشان، فكرة إعداد كتيّب للمفردات الصحفية المعتمدة ومراجعتها. تكمن أهمية الفكرة في كونها مدخلًا حقيقيًا لتحديث اللغة الإعلامية ومنحها حيوية جديدة، عبر تطوير مفردات السياسة، والاقتصاد، والخدمات، والحوكمة، والمشاركة العامة، بما يجعلها أقرب إلى المتلقي وأكثر صدقًا في التعبير عن واقعه. نحن بحاجة إلى قاموس إعلامي جديد؛ قاموس حيّ، مرن، قابل للتطور، يواكب تحوّلات المجتمع وأدوات الاتصال الحديثة، ويبتعد عن اللغة التقليدية التي استُهلكت حتى فقدت تأثيرها. فإعادة النظر في المصطلحات لم تعد ترفًا لغويًا، بل ضرورة مهنية تمسّ جوهر الثقة بين الإعلام وجمهوره. ومجلس ادارة " بترا " بما يملكه من خبرات مهنية وأكاديمية متراكمة، قادر على إطلاق مشروع جاد لتحديث المفردات الإعلامية، وبناء لغة رسمية معاصرة تعبّر عن الدولة دون أن تنفصل عن المجتمع، وتواكب العصر دون أن تفقد رصانتها. فلا يبعث الاسى في النفس كقراءة خبر رسمي رديء وكأنه اعتراف انتزع من الصحفي تحت الضغط والتعذيب ، نصوص باردة، إنشائية، لا تعكس قناعة كاتبها، فتصل إلى القارئ ضعيفة ومهزوزة. ما زلنا، للأسف، أسرى فكرة خاطئة مفادها أن دور الإعلام هو نقل ما يريد المسؤول سماعه أو قراءته، لا ما يحتاج المجتمع إلى معرفته. نحدّث ونطوّر في مختلف المجالات لمواكبة العصر، ومن الأولى أن نراجع مفرداتنا ومصطلحاتنا الإعلامية، قبل أن نصل إلى مرحلة نبحث فيها عن حفرة نوارِي فيها جثة الإعلام الرسمي. .

مشاهدة قبل البحث عن حفرة لجثة الإعلام الرسمي

يذكر بـأن الموضوع التابع لـ قبل البحث عن حفرة لجثة الإعلام الرسمي قد تم نشرة اليوم ( ) ومتواجد على جو 24 ( الأردن ) وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.

التفاصيل من المصدر - اضغط هنا

وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، قبل البحث عن حفرة لجثة الإعلام الرسمي!!! .

Apple Storegoogle play

آخر تحديث :

في الموقع ايضا :

الاكثر مشاهدة في اخبار محلية


اخر الاخبار