مدن بلا مراحيض… إهانة لكرامة المواطن وتشويه لصورة السياحة
قلم : عبدالقادر كلول في عز الصيف، حين تتدفق الأفواج البشرية بين المدن الساحلية والجبلية طلباً للاستجمام، وحين تزدحم الشواطئ والساحات والحدائق بروادها من كل صوب، تصدمك الحقيقة المرة: مدن بلا مرافق صحية عمومية لائقة، وسياح ومواطنون تائهون بين المقاهي والمطاعم، يلهثون وراء مرحاض نظيف فلا يجدونه. هذه المفارقة الفادحة، في بلد يسوّق نفسه كوجهة سياحية عالمية، تضع علامات استفهام حادة حول أولويات التخطيط الحضري وصدق الشعارات الرسمية. كيف لمدينة مثل مراكش أو طنجة أو أكادير، التي تستقبل مئات الآلاف من الزوار سنوياً، أن تعجز عن توفير أبسط المرافق التي تحفظ كرامة الإنسان وصحته؟ في ساحات المدن وحدائقها، ترى مشاهد صادمة تخدش جمالية الفضاءات والمعالم: عائلات تبحث بيأس عن مرحاض نظيف فلا تجده، أطفال يبكون من الحاجة ولا يجدون سوى زوايا مظلمة أو خلف أشجار الحدائق، ومواطنون مضطرون لاستعمال فضاءات عامة لقضاء حاجاتهم، في غياب أي بدائل آمنة ونظيفة. هذه المشاهد، إلى جانب انتشار الروائح الكريهة وتلوث بعض الفضاءات السياحية، تكشف حجم الإهمال في تدبير ملف المرافق الصحية العمومية. وما يزيد الطين بلة أن كثيراً من المراحيض الموجودة مغلقة أو مهملة أو لا تتوفر على أبسط شروط النظافة والصيانة. الواقع أكثر مرارة حين يُترك المواطن البسيط، الذي لا يملك ثمن الدخول إلى مقهى أو مطعم، أمام خيارين لا ثالث لهما: إما البحث عن فضاء عام لقضاء حاجته ولو على حساب البيئة وصحة المواطنين، أو المعاناة في صمت تحت وطأة الحرج وانعدام البدائل. في المقابل، نجد أن الدول المتقدمة، التي تحترم مواطنيها وزوارها، جعلت المراحيض العمومية مجانية أو بثمن رمزي، إدراكاً منها أن هذه الخدمة ليست ترفاً، بل حقّ أساسي يمسّ كرامة الإنسان وجودة حياته وصحته العامة. إن تجاهل هذه المسألة في المغرب لا يُهين المواطن فحسب، بل يشوّه أيضاً صورة البلاد أمام زوارها، ويضعف تنافسيتها السياحية في مواجهة وجهات عالمية أخرى أكثر احتراماً للإنسان وحقوقه البسيطة. ملف المراحيض العمومية يتوزع بين أكثر من جهة، لكنه في الحقيقة ملف مهمل ومهمّش: الجماعات الترابية تتعامل مع القضية كملف ثانوي رغم أنها المعنية الأولى بتدبير الفضاءات العمومية، ووزارة الداخلية لا تراقب تنفيذ المخططات الحضرية بالشكل الكافي، تاركة المواطنين لمصيرهم، أما المجالس السياحية فتركّز على الحملات الترويجية البراقة، بينما تغفل أبسط حاجات الزوار. إن هذا التنصل الجماعي من المسؤولية يضع المواطن أمام واقع صادم: مشاريع ضخمة، مهرجانات عالمية، واجهات مبهرة، لكن في العمق غياب لمرافق أساسية تمسّ كرامته وصحته وبيئته. لا يمكن الاستمرار في إدارة هذا الملف بمنطق الإهمال، خاصة ونحن في بلد يطمح لتطوير اقتصاده السياحي وتعزيز مكانته كوجهة عالمية. والحلول ممكنة إذا توفرت الإرادة السياسية والرؤية الواضحة: توفير مراحيض عمومية مجانية أو بثمن رمزي لضمان الولوج العادل للجميع، بغض النظر عن القدرة المادية، ودمج المرافق الصحية في التخطيط الحضري وجعلها جزءاً من البنية التحتية الأساسية للمدن، إلى جانب شراكات مع القطاع الخاص لتدبير هذه المرافق بجودة عالية، مقابل رسوم رمزية أو مجانية مدعومة، واعتماد معايير دولية للنظافة والصيانة تليق بمكانة المغرب كوجهة سياحية، وأخيراً تفعيل آليات المراقبة والمحاسبة ضد أي تقصير من الجماعات المحلية أو السلطات الوصية. غياب المرافق الصحية العمومية ليس مسألة تقنية ولا قضية ميزانيات، بل مؤشر حضاري يكشف كيف تُدار المدن وكيف تُحترم كرامة المواطن والزائر. في بلد يطمح للريادة السياحية، لا يمكن القبول بأن يظل المواطن أو السائح يبحث في شوارع العاصمة أو المدن الكبرى عن مرحاض نظيف دون جدوى. إن كرامة الإنسان تبدأ من التفاصيل الصغيرة التي تعكس وعي الدولة بحقوق مواطنيها، وأولها الحق في مرافق صحية عمومية آمنة ونظيفة. فإما أن نواجه هذه الحقيقة بشجاعة ونحوّل الفضاءات العمومية إلى واجهة حضارية مشرّفة، أو نستمر في سياسة التجميل المؤقت ونترك الواقع يفضحنا أمام أنفسنا وأمام العالم.
مشاهدة مدن بلا مراحيض hellip إهانة لكرامة المواطن وتشويه لصورة السياحة قلم
يذكر بـأن الموضوع التابع لـ مدن بلا مراحيض إهانة لكرامة المواطن وتشويه لصورة السياحة قلم عبدالقادر كلول قد تم نشرة اليوم ( ) ومتواجد على ازيلال 24 ( المغرب ) وقد قام فريق التحرير في برس بي بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
وختاما نتمنى ان نكون قد قدمنا لكم من موقع Pressbee تفاصيل ومعلومات، مدن بلا مراحيض… إهانة لكرامة المواطن وتشويه لصورة السياحة قلم : عبدالقادر كلول .
آخر تحديث :
في الموقع ايضا :
- تبادل وشيك للرهائن الأحياء ومعتقلين فلسطينيين بين إسرائيل وحماس
- "سند لأطفال السكري" تدعو وزارة الصحة إلى تخفيف الأعباء الأسرية
- المشيطي: مؤشر إدارة الموارد المائية في المملكة أحد أسرع المعدلات عالميًا
تابعونا على جوجل نيوز